أرشفة وتوثيق عمليات نقل وحدات التعليم الاولي من الشركاء إلى الاكاديميات في أفق المساءلة المنتظرة بشأن نجاعة برمجتها وتوطينها.

بقلم الدكتورة ليلى المرجاني – استاذة بمركز التوجيه والتخطيط التربوي
————————————————————————————
نظرا لما سيصاحب عملية تسليم وحدات التعليم الأولي التي أحدثتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة الأكاديميات* من صعوبات تدبيرية وما سيأتي بعدها من مساءلات موجهة لمصالح التخطيط أساسا أو لمدبري المشروع 1 حول وضعيات قد تضرب بعرض الحائط بمبدأ نجاعة الأداء … ومن تساؤلات عندما سيتم الانتباه بشكل متأخر طبعا إلى مسألة تقييم أثر هذه البناءات في تعميم التعليم الأولي وفي الرفع من جودة التعلمات بالابتدائي … أظن أنه من الأهمية بمكان لكل المدبرين والمخططين أو المساهمين في تدبير مشروع تعميم التعليم الأولي أن يرفقوا عمليات تسلم بنيات التعليم الأولي من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمحاضر أو تقارير تقنية مطعمة بمعطيات تربوية: عدد أطفال.. عدد مربيات…عدد أقسام…معدل عدد الأطفال بالقسم… معدل عدد الأطفال للمربية….تطور عدد الأطفال بهذه الأقسام…تطور الإقبال على هذه الوحدات مرفقة بملاحظات عن الأسباب في حالة انخفاضه منذ سنة الإحداث إلى الآن. … وإذا أمكن تطور عدد الأطفال في سن ولوج التعليم الأولي مستقبلا بمقاربة ولو غير دقيقة بشكل كبير للتطور الديموغرافي لهذه الفئة بالمنطقة المحيطة لهذه الوحدات ( يمكن الاعتماد على تطور عدد تلاميذ الابتدائي او بالسنة الأولى منه بحكم تعميم هذا السلك بأغلب المناطق إن لم يكن كلها وبحكم عدم وجود طفرة ديمغرافية قد تأثر على هذه الأعداد من سنة لأخرى )….و التنصيص على هذه التقارير كمرفقات حتى لا يتم لاحقا تحميل المسؤولية كاملة للمديريات الإقليمية، ولمصالح التخطيط أساسا، بشان انخفاض نجاعة الأداء وعدم وجود أثر في تعميم هذا السلك في السنوات المقبلة أو عدم استدامة هذا التعميم أو هذا العرض التربوي… وبالتالي سيتم تحميل المسؤولية لأطر التخطيط في الميدان كالعادة….
يجب الحرص على التوثيق الجيد لهذه المرحلة وإلا سيتم تكرار ما حدث في المخطط الاستعجالي وهو ما عايشته شخصيا عندما وجدت بعد التحاقي بالمسؤولية كرئيسة لمصلحة جهوية للتخطيط التربوي أن بعض الشركاء الذين ساهموا في إحداث مدارس جماعاتية ومؤسسات أخرى بالأسلاك الثلاث قاموا بذلك دون إشراك حقيقي لمصالح التخطيط في البرمجة والتوطين مسبقا بحكم أنه تم اعتبارها اعتباطا إما مشاريع ملكية لا تناقش أو أن هؤلاء الشركاء الكبار (دول صديقة….منعشون عقاريون… مؤسسات …) هم الآمرون الناهون بحكم الميزانيات التي يضعونها رهن إشارة الوزارة أو باعتبار ضيق الوقت أو ضيق هامش القرار لدى بعض المسؤولين لتحديد الحاجيات أو حتى عدم توفر آليات لتتبع تنزيلها لاحقا حسب الأولوية …. هذه الأمور جعلت بعض المؤسسات تبنى دون وجود طلب حقيقي خصوصا في المدن الجديدة او المشاريع العقارية الكبرى ( نوع العرض غير مناسب، إلغاء لاحقا لبعض المشاريع السكنية من طرف المستثمرين العقاريين دون أن تعلم المديريات أو الأكاديميات أو حتى الوزارة بذلك خصوصا في بعض المدن الجديدة التي لم يكن هناك إقبال عليها من الساكنة او بسبب الأزمة المالية العالمية حينها….) … أو يتم بناؤها رغم أن الطلب عليها سيأتي بعد سنوات والحاجيات ليست ذي أولوية ( تأخر بناء وتسليم الشقق والتجزءات السكنية…عدم توفر المديريات على اي معلومات بشأن الأشطر السكنية وحصيص كل شطر من الشقق وتوقيت كل شطر وخصائص الأسر التي ستسكنها ….وهلم جرا)… مما أوجد مؤسسات متدنية مؤشر الاستغلال لطاقتها الاستيعابية ….أو بنيات مدرسية جديدة ولكن مغلقة في انتظار التحاق الساكنة اواستكمال المشاريع السكنية او حتى بدايتها.
كل هذه الأمور وضعت بعض مصالح التخطيط الإقليمية والجهوية أمام المساءلة بخصوص مدى جدوى هذه البنايات وكان لزاما عليها شرح الأمر والإدلاء بكل الوثائق والمعطيات اللازمة بما يفيد بحيثيات البرمجة والتوطين حينها والأسباب التي جعلت أنواع وأحجام الحاجيات تتغير بتغير وتطور أو تراجع المشاريع العقارية … و تقديم كل الدراسات التي تفيد بمدى الحاجة لهذه البنايات في حينها أو حتى مستقبليا….
إذن كنصيحة فقط حسب تجربتي المتواضعة يجب الحرص على التوثيق عند التسليم بشأن الإحصائيات المدرسية الحالية ومؤشرات التمدرس والعرض والطلب بالتعليم الأولي أخذا بعين الاعتبار كافة الأنواع الأخرى أيضا…وبشأن غلاف الحاجيات الحقيقية حاليا ومستقبلا حسب كل وحدة مسلمة… وكذا بشأن حيثيات وتدابير البرمجة والتوطين التي سبقتها… ومدى وجود محاضر توثق لعمليات التنسيق مع المديرية خلال عملية التوطين والبرمجة من طرف المبادرة أم لا ….كلما أمكن ذلك.
وحتى إن لم يتم توثيق ذلك في محضر رسمي مشترك… على الأقل يجب إعداد تقرير داخلي مفصل بشأن كل وحدة مسلمة يصاحب العملية ويتم تقاسمه بشكل مؤسساتي مع المسؤولين اقليميا وجهويا ووطنيا لتحديد المسؤوليات لاحقا عند تقييم أثر كل هذه المشاريع في تحقيق الأهداف منها وعند تقييم نجاعة الأداء ومدى ترشيد استعمال الموارد المخصصة لمشاريع القانون الإطار وأطره المنطقية…ولخارطة الطريق وأطرها التنزيلية (تعددت المسميات والمضامين في عمقها متقاربة جدا وأحيانا متشابهة رغم تقديمها في شكل آخر أو بلغة اخرى…. ولكن احيانا قد تضم ايضا تناقضا مع ما سبق او بترا…. تلك مسألة تستحق التمحيص والتدقيق في منشور لوحده ).
أما موضوع التعليم الاولي والتخطيط له وتوطين حاجياته محليا فأمر معقد ولا يمكن لبرنام يحدد الحاجيات على صعيد الإقليم فقط أن ينجح في تحديد الحاجيات الحقيقية محليا لضمان استدامة تعميم التعليم الاولي وتحقيق الجودة المنشودة…خصوصا في ظل تباين العرض وتعدد المتدخلين وتداخل المسؤوليات وضعف دقة التشخيص وعدم مأسسته بشكل ناجع…وعدم التوافق على التصنيفات المطروحة حاليا لأنواع التعليم الاولي…. وأسباب اخرى يطول شرحها….
التخطيط والبرمجة والتوطين يجب أن يتم إنزاله إلى أصغر واضيق مستوى لأننا نشتغل على توفير أقسام لأطفال 4 و5 سنوات ما زالوا في حاجة لرعاية لصيقة ولعرض تربوي قريب لسكناهم ومنفتح بشكل كبير على أسرهم…. إذن نحتاج لآلية مساعدة على اتخاذ القرار الصائب. أكثر دقة ونجاعة… وهي موجودة فعلا ….حيث أنه قد تم استدعاء فريق العمل الذي طورها عدة مرات من طرف المسؤولين وبحضور مكاتب الدراسات المتعاقد معها من طرف الوزارة لعرض هذه الآلية والتفصيل بشأنها مرارا وتكرارا ولتسليم البطاقات التقنية والتقارير التي تشرح جميع حيثيات ومراحل البرنام وكيفية عمله… وهو برنام مستعمل حاليا بنجاعة أكبر بكثير مما هو متواجد حاليا على الساحة… ولا أحتاج ان أذكر ما هو هذا البرنام ولا من هم أعضاء فريق المستشارين في التخطيط التربوي الذين اشتغلوا عليه لسنوات ويطورونه سنويا منذ 2019 بوسائلهم الشخصية البسيطة وخارج أوقات عملهم الرسمية …. ومستعمل حاليا في بعض المديريات بشكل غير رسمي بكل سلاسة وبشكل أثبت نجاعته… ولم يعد يحتاج أن اسميه او أسمي فريق المستشارين الذين ابتكره دونما حاجة لمكاتب دراسات تضم في أغلب الأحيان جانبيات تقنية جيدة ولكن لا تفقه في اغلبها شيئا في مهنة التخطيط المدرسي والتربوي …ولم يمارسوه على أرض الميدان فعليا أو قارعوا مصاعبه ومشاكله وتعدد التدخلات والضغوط التي تعيشها عمليات التخطيط محليا… فكل مهتم محلي وممارس ميداني في مجال التخطيط بصفة عامة والتخطيط للتعليم الاولي بصفة خاصة يعلم ما أعنيه ويقدر مدى الحاجة الملحة حاليا لآلية كهاته خصوصا أنها تمكن من الاشتغال على صعيد الجماعة والمؤسسة التعليمية… وهو امر طال انتظاره منذ أن نصت على ذلك مخرجات اجتماع الصخيرات في 2018….. بل ويربط هذا البرنام بين التخطيط السنوي والتخطيط المتعدد السنوات للتعليم الأولي …وهو ما لا يتوفر في أي منظومة أو برنام اخر توفره الوزارة حاليا لا للتعليم الأولي ولا للأسلاك الاخرى….وتلك قصة أخرى سأعود إليها لاحقا .
المهم الآن في هذه المرحلة يجب التوثيق ثم التوثيق لتحديد مسؤوليات البرمجة والتوطين وكل ما يحيط بوضعيات التسلم والتسليم ثم لاحقا لا بد من ضرورة إعادة تدقيق التشخيص لتقويم البرمجة كلما أمكن ذلك طبعا.
أعان الله كل مدبر او مساهم في تدبير هذا المشروع الشائك على كافة المستويات وفي كافة المراحل.
* دورية مشتركة بشأن نقل وحدات التعليم الأولي المحدثة في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (تحميل)
AREFINDHالتخطيطدورية مشتركةمتسم بشراكةوحدات التعليم الأولي
Comments (0)
Add Comment